فاعلية إستخدام الجولات الافتراضية لتنمية مهارات الجولات الافتراضية لدى تلاميذ المرحلة الاعدادية

نظرا لأن العالم الذى ندرکه بحواسنا وأبصارنا وأدواتنا وأساليبنا العلمية هو جزء صغير من مصفوفة أعظم فى النظام الکوني ، لذا تعد أفضل طريقة لإدراک العالم المجرد والوصول إلى فهم الأشياء التى لا تستطيع حواسنا الوصول اليها هو استخدام التخيل. (حسن شحاته ،2007 ، 206)
        يعتبر التخيل من أهم الأنشطة التى وهبها الله للإنسان ، فمن خلاله يتصور أشياء لا وجود لها ترتبط بالواقع الذى يعيش فيه ، فنراه يوظف بخياله خبراته المباشرة وتجاربه التى يکتسبها نتيجة تفاعله مع المحيط الذى يعيش فيه ، لينتقل مما هو مألوف إلى ماهو غير مألوف ، ويبنى مع ماهو موجود لديه فى إطار منطقي وعلمي ، لينمو معه هذا التخيل . (شيماء عودة ، 2014 ، 23)
        کثير من الأعمال العظيمة کانت خيالات فى عقل أصحابها قبل أن تصبح واقعا ملموسا فى حياة الناس ، فاعمال العقل بقصد التفکير والتخيل کان المورد الأول لکثير من الإنجازات التى أفادت البشرية . (خالد خلاوى ، 2010 ، 84)
        وقد لعب التخيل أکبر الأدوار فى سيطرة الإنسان على الطبيعة والتکيف معها ومع الظروف القصوى التى واجهها وعاشها ، وفى التقدم الهائل الذى وصل اليه ، فلدى کل إنسان قابلية للتخيل وخلق صور فى مخيلته ، ومن خلال التخيل يمکن للمتعلم إيجاد أحساس عقلي لمواقف لم يخبرها سابقا مما يسمح له بالتخطيط أو الرسم أو التأليف ورؤية الاشياء بشکل مختلف .
(منى الخطيب ،2018 ، ص79)
       يعد التخيل أحد أشکال التفکير الأساسية التى يتمکن المعلم من خلالها تمثيل الواقع فى تصوره ، فالعالم الخارجى وخبرات الکبار المتنوعة المعقدة المرکبة والتى يصعب على المتعلم إدراکها ، يمکن تقديمها له بشکل تدريجى من خلال أنشطة التعلم المختلفة التى تعتمد على خياله بصورة تساعد على تصور هذا الواقع .^[1]
       الطفل يعيش الخيال أکثر من الواقع ، صور الخيال تتدخل فى إدراک الموجودات من حوله وبالتالي يتم التعامل معها بهدف تمثيلها ذهنيا ، والتخييلات مشاريع أولية وخطط لأشياء تصبح وتحقق فى المستقبل. (يوسف قطامى، 2013 ، 640)
       وتکمن الأهمية التربوية للخيال من أن ممارسته تحقق فوائد متعددة ، فنجد مثلا أن الصورة المتخيلة تشکل قاعدة بيانات مهمة لتمثيل المعلومات فى الذهن بطريقة فعالة ، وإعطاء المعانى للألفاظ والمفاهيم والرموز المجردة ، وتحويل الأفکار والمعلومات المجردة الى صورة حسية يسهل استرجاعها والتعامل معها فيجعل من المادة الصعبة غير المألوفة مادة سهلة يسهل التعامل معها. 
(افتکار قائد ، 2017 ، 57)
      وبذلک يلعب التخيل دوراً کبيراً في حياة الأفراد، إذ يحول الأفکار الهشة غير المترابطة إلي أفکار أکثر صلابة , کما يساعد علي إعادة ترتيب الأفکار وترکيبها ودمج السابق إلي اللاحق. کما يعد التخيل أحد أشکال التفکير الأساسية التي تمکن الفرد من خلالها تمثل الواقع داخل نسقه التصوري. کما يتيح الفرصة للتعبير عن التوترات والأفکار والمشاعر والاندفاع کما يقوم بوظيفة إحداث التکامل في الشخصية .(منى ابو ناشي ، 2008 ، 127-128)
       تنمية مهارات التخيل أحد الاتجاهات الحديثة فى مجال تدريس المواد الدراسية بصفة عامة ، ومادة التاريخ بصفة خاصة ، فإذا کان الخيال أمراً مهماً وضرورياً فى تعلم جميع المواد الدراسية ، فهو أکثر أهمية وضرورة فى تعلم التاريخ ، حيث أن مادة التاريخ تنفرد بإجتماع البعد المکاني والبعد الزماني فيه وکل ما يدرسه التلاميذ من معلومات وحقائق تاريخية ترکز على الماضي السحيق بمعارکه وأحداثه ، ولکن تتغير الصورة بأن يتخيل التلاميذ تلک الأحداث والوقائع من وجهات نظر مختلفة .
 (محمد الشمرى ، 2014 ، 535 )
       ودراسة الإنسان لتاريخ بلاده ووعيه بتطور الأحداث علي أرضها أمران لازمان لخلق شخصيته الذاتية وإنتمائه لوطنه, ولهذا فإن الفرد الذي لا يدرس التاريخ يکون کالفرد الذي فقد ذاکرته, حيث لا يجد ما يفيد منه من تجارب وعبر السابقين. (ولاء صلاح ، 2006 ، 129)
      فالتاريخ لم يعد مجرد تسجيل الأحداث, بل تجاوز ذلک إلي تفسيرها وربطها وتوضيح علاقة السبب بينها وتفسير التطور الذي طرأ علي حياة الأمم والمجتمعات المختلفة, وبيان کيف ولماذا حدث هذا التطور, وبهذا يدرک المعلمون والطلبة أن هذه الجهود منظمة لجعل الماضي ذا معنى .
(محمد الخوالدة ، 2014 ، 18)
        مادة التاريخ تنمي مهارات التخيل ، هذه المهارات مثل التحقيق فى الأدلة والفهم للنصوص المکتوبة ، وتجاوز استيعاب الأشياء الملموسة من خلال التفکير المنطقى بالأدلة التاريخية ، وإذا کانت الأدلة التاريخية التى هى مادة المؤرخ ومصادره بها حلقات مفقودة فإن مهارات التخيل تعمل على ملء هذه الفراغات فى الأدلة التاريخية المفقودة . (Cooper, 2007 , 13)      
        ومادة التاريخ من أکثر المواد الدراسية التي تحتوي على أنشطة تعليمية تعمل علي تنمية التفکير لدي التلاميذ وإستثارة دافعيتهم نحو تعلم المادة ، وبما أن التخيل رکن أساسي في حدوث التفکير, وعملية مهمة من العمليات التي يقوم عليها التفکير ، فإن هناک حاجة ماسة لتنمية التخيل من خلال تدريس التاريخ ومن خلال الأنشطة المشوقة للتلاميذ . (حامد طلافحة ، 2012 ، 227)
       وهذا ما أکدته الجمعية الوطنية للدراسات الاجتماعية إذ حددت أربعة أهداف رئيسية يجب أن تسعي هذه المادة إلي تحقيقها لدي المتعلمين وهي:
-         المهارة في الحصول علي المعرفة الضرورية حول حال الإنسان في الماضي والحاضر والمستقبل.
-         اکتساب المهارات الضرورية لمعالجة المعلومات والتعامل معها واستعمالها بشکل جيد.
-         تنمية المهارات التي تعين على مراجعة المُثّل والمعتقدات.
-         تطبيق المعرفة من خلال المشارکة النشطة في المجتمع (بارث ، 2004 ، 11)
        يحتاج المتعلم الى مهارة التخيل  من أجل فهم أحداث التاريخ ومعرفة أسبابها ونتائجها ، وتقديم تفسيرات منطقية للمادة التاريخية، وهذه المهارة مطلوبة فى تعليم وتعلم مادة التاريخ التى تمثل مکوناتها أحداث ومعلومات مضت وانتهت فعليا ً،  فيحتاج المتعلم الى تعلم کيفية التخيل ، وکأنه يعيش تلک الأحداث ويتفاعل معها .
        من الضروري لدارس مادة التاريخ أن يتعلم کيف يفکر ويتخيل الحدث التاريخي , ويتمثل المواقف التاريخية وکأنه يعيش فيها ويتفاعل معها, وهذا ما يساعده علي التعاطف مع الأحداث التاريخية , وبالتالي ينعکس علي تکوينه الوجداني , لأن أحداث التاريخ البشري هي محصلة للتفاعل بين عقل الفرد ووجدانه , وبذلک يصبح التاريخ ذا معني وقيمة بالنسبة للتلميذ.(حسام عبد الله ،  2003 ،21 )
         وترى الباحثة أن مناهج التاريخ من المناهج التى يمکن من خلالها تنمية مهارات التخيل التاريخي ،  وذلک لأنها مليئة بالأحداث والمواقف والشخصيات التاريخية التى يتخذها التلاميذ  قدوة ويحبون أن يجسدوها فى خيالاتهم , فمثلا شخصية صلاح الدين الأيوبى کم من طالب يتخيل نفسه مکانه ! ويفکر بتفکيره ويشعر بمشاعره ويتمنى لو أنه يرتدي ملابسه ويمتطى فرسه ويمسک بسيفه ليتخلص من أعدائه ، أو يتخيل التلميذ نفسه جندياً فى ساحة المعرکة يحمل الأسلحة فى سبيل الدفاع عن وطنه ، أو يتخيل نفسه عالما ينفع اُمته ، أو يتخيل نفسه شخصية ناجحة يحترمها الجميع فتکون خيالاته الإيجابية دافعا لنجاحه وتزيد من طموحاته .