التمکين الإداري وأثره علي صراعات العمل داخل المؤسسات التعليمية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

تشهد منظمات الأعمال تغيراً أساسياً وکبيراً في استراتيجياتها نتيجة التغير الکبير في النشاط الاقتصادي وبروز معطيات جديدة مثل العولمة وزيادة درجة التعقيد والتغير التکنولوجي وزيادة حدة المنافسة، ومن أجل تحسين قدرة المنظمات على التکيف مع هذه المتغيرات الجديدة والاستجابة لمتطلبات هذا التغير اهتمت الإدارات بمفاهيم منها إدارة الجودة الشاملة, والميزة التنافسية, وإدارة المعرفة, واالتمکين الإداري. والتي تعتمد على قدرة الإنسان ومدى کفاءته وطريقة التعامل معه من قبل الإدارة. حيث برزت الحاجة لضرورة الاهتمام بتنمية قدراته وتوجيهه وتحفيزه وتمکينه ومنحه الحرية والثقة والقدرة على العمل دون تدخل مباشر من الإدارة العليا.
      وقد زاد الاهتمام بالتمکين الإداري بعد ظهور فلسفة جديدة في الإدارة متمثلة برأس المال الفکري، والإدارة الاستراتيجية، والتي تمثل تحولاً في أساليب الإدارة، حيث أن نجاح التمکين مرهون بإحداث تغيرات تنظيمية مصاحبة تفضي إلى اعتماده مثل إعادة هيکلة المنظمات، وتطبيق مبادىء إدارة الجودة الشاملة، وبروز دور المنظمة المتعلمة ([1]). کما أدي تطبيقه إلي اختفاء المنظمات التقليدية وظهور اتجاه قوي نحو تبسيط الهيکل التنظيمي للمنظمات " Flattening ", وصاحب هذا الاتجاه نحو اللامرکزية واستخدام فرق العمل, وتوسيع نطاق التحکم والرقابة, وتشجيع المشارکة في إتخاذ القرارات, وزيادة المسئوليات في المستويات الإدارية الدنيا. وبذلک انتقلت العديد من المهام والمسئوليات من مديري المدرسة إلي فرق العمل والمعلمين فيما يسمي بتمکين المعلمين ([2]).









 





 



       ويحتاج تطبيق مفهوم التمکين إلى تغييرات وتعديلات متعددة؛ منها سلوکية ونفسية وإدارية وسياسية وسلطوية، ومنها إعادة لهيکلة المؤسسة نفسها. وتثير بعض الدراسات([3]) شکوکاً وأسئلة حول مدي واقعية تطبيق مفهوم التمکين في الإدارة، وصعوبة تطبيقه على أرض الواقع، وعلى الرغم من هذه الشکوک فهنالک شرکات عالمية ومؤسسات کبيرة وصغيرة بدأت تمارس هذا المفهوم وتطبقه، وتجد مردوداً إيجابياً ليس على المستويات المعنوية (مثل رضا العاملين وولائهم) فحسب، بل على المستويات المادية مثل الأرباح والإيرادات کذلک.
       ومن هنا کان الاهتمام بنظم تحفيز العاملين وغرس مبدأ ديمقراطية الإدارة والاهتمام بالمشارکة ، ونشر روح الفريق کمدخلاتٍ نشطةٍ وفعالةٍ في دفع أعضاء التنظيم لتحقيق أغراض الإدارة وأهدافها بکفاءةٍ وفعاليةٍ, وهذا ولا يتأتي في ظل صراعات العمل التي أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية فهناک من يعمل بکفاءة، وهناک من يود أن يسلب الآخرين حقهم([4]). وبقدر ما يبذل الإنسان من جهد في أدائه وما يٌظهر من فعّالية فإنه ينعکس على فعّالية المنظمة الإدارية التي لا تعمل في فراغ بل تمارس نشاطاتها المختلفة في ظل "علاقات متشابکة بين الأفراد بعضهم بالبعض الآخر، تجمعهم مصالح متباينة منها ما يخص التنظيم, ومنها ما يخص المصالح الشخصية"([5]). ولاختلاف طبيعة هذه المصالح بين الأفراد وما يوجد بينهم من فروق فردية، فإن الديناميکية التي تعمل بها المنظمة قد تُوقعها في بعض الصراعات التي تنشأ نتيجة لقيام هؤلاء الأفراد بأدوارهم المختلفة مما يعرقهم عن تطبيق التمکين الإداري. 
       ويعود هذا الاهتمام إلي إحساس الإداريين بأن التنظيم المدرسي يتضمن أنواعاً عديدة من الصراعات " التي تستحوذ علي ما يقارب من 25 % من وقتهم في إدارة الصراع "([6]). وهو ما أکدته دراسة أکاديمية الإدارة بالولايات المتحدة الأمريکية حول التکلفة الحقيقية للصراع. وکشفت أن هناک 30% من وقت المديرين يُستهلک في إدارة الصراع بين الموظفين، وأن الصراعات الممتدة بينهم والتي لم يتم الوصول إلي حل بشأنها مسئولة عن 65 % من عيوب العمل ، کما تعد مسئولة عن حالات ترک العمل علي غير إرادة الموظف مما ينتج عنه تکلفة أخري وهي إحلال الموظفين المهرة المدربين بموظفين جدد([7]). هذا علي صعيد المنظمات الإدارية العامة, أما علي صعيد الإدارات في المؤسسات التعليمية فنجد أن هذه النسبة قد تصل إلي 50 % من أوقات الإداريين فيها نظراً لطبيعة التجمعات بداخلها. کما أن هذا الوقت المنفق على إدارة الصراع يختلف حسب نوع وحجم الصراع, حسبما أظهرت نتائج دراسة زنر(Zehner) في ولاية بنسلفانيا الأمريکية([8]). کما کشفت دراسة أبوت Abbott)) في ولاية أنديانا الأمريکية أن هناک حاجة ماسة إلى تدريب مديري المدارس الحکومية على إدارة الصراع، والحاجة إلي استخدام أساليب أخري لعلاجها کالإدارة بالتمکين وتدريب المديرين عليها في إدارة صراعات العمل([9]).  بينما أوضحت نتائج دراسة ميروى والبرتوس (Merwe& Albertus) ([10]) في الولايات المتحدة الأمريکية أن معرفة مدير المدرسة بأساليب إدارة الصراع وميوله الإيجابية تجاه التعامل مع هذه الصراعات واستخدام أساليب إدارية حديثة کالإدارة بالتمکين له أهمية کبيرة في التعامل معها بنجاح. ومن جانب آخر فإن الصراع ينطوي علي تکلفة أخري غير مرئية ويصعب توثيقها حيث يسهم في زيادة الوقت الضائع، کما يضعف من کفاءة عملية اتخاذ القرار، بل قد يدفع إلي أعمال السرقة والتخريب([11]).



[1])) يحيى سليم ملحم : التمکين کمفهوم إداري معاصر، القاهرة، الطبعة الأولى، 2006 , ص142 .


[2])) سيد الهواري: الإدارة والأصول والأسس العلمية للقرن ال 21 , القاهرة, الطبعة الثانية عشر, 2000 , ص 37 .


([3](Argyris, C. Empowerment: The Emperor’s new Clothes, Harvard Business Review (May-Jun),1998 ,P. 98-105.


[4])) أحمد ماهر: کيف تسيطر علي صراعات العمل، الإسکندرية، الدار الجامعية، 2006 ، ص 5 .


([5]) سعود بن محمد النمر: الصراع التنظيمي – عوامله وطرق إداراته.
accessed at  5|2009.  Persons Bab. Com) (www.  Available at


([6]) Lippitt, G.L.: Managing Conflict in today's Organization Training and Development Journal, 36, 1982, PP.67-74.


(7) Greg Hessel :The Cost of Organizational Conflict, Available at (http:||www.cheshirrmediation.org) accessed at         6|2013.


([8]) Zehner, M. E. D.: Principal / Teacher Perceptions About time as Related to Conflict in Secondary Schools. Unpublished ED. D thesis, Pennsylvania state University, 1991, P.87.


([9]) Abbott,  J. H. :The Need for Conflict Resolution Training for Public School Superintendents and High School Principals .Unpublished PH.D thesis ,University of Indiana ,1994, P.234.


([10]) Merwe, V. D. & Albertus: The handling of Conflict as Task of the School Principal ED. M. Dissertation, University of Pretoria. Dissertation Abstracts International, 1993, P.254.


[11])) إيمان سليمان عبد ربه محمد: الصراع التنظيمى والأنماط القيادية لدي مديري مدارس التعليم الثانوى العام بجمهورية مصر العربية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، کلية التربية، جامعة عين شمس، 2009 .

الكلمات الرئيسية