إدارة الصراع التنظيمي وانعکاساتها علي الأداء الوظيفي في المؤسسات التعليمية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

يتفاوت الأشخاص في قدراتهم واستعداداتهم وميولهم واتجاهاتهم الفکرية، وتربطهم شبکة معقدة من العلاقات المتبادلة. فلا يتوقع أن يسود مناخ دائم ومستمر من الوفاق والوئام بين أفراد المجموعة الواحدة لاسيّما في مجال التعليم الذي يحتاج إلي التعاون فيما بينهم. فلابد وأن تحدث بعض الخلافات والتناقضات التي قد تصل أحيانا إلى درجة الصراع، ولا يتوقف حدوث الصراع بين الأفراد فيما بينهم ، أو بين الجماعات فقط بل قد يحدث داخل الفرد نفسه عندما تنازعه رغبة في تحقيق هدفين متناقضين.
     ولما کان الصراع جزءاً من الوضع الطبيعي لأية مؤسسة تعليمية على مستوى التنظيمات الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية. "حيث يؤدي الإنسان عدة أدوار مختلفة في آن واحد فالمعلم مثلاً يقوم بدور: الزوج، والأب, والمرشد, والمرؤوس, والرئيس في أوقات مختلفة من يومه أو حياته ولابد من أن يحصل التعارض بين هذه الأدوار وهذا نوع من أنواع الصراع " ([1])
      ونظرا لکون طبيعة الأفراد والمنظمات تستدعي التطور والتغيير لأن الاستقرار والثبات حالة غير طبيعية لذا فإن الصراعات غالبا ماترافق التغيرات الحاصلة في مجمل العلاقات السائدة. والإدارة الهادفة ينبغي أن تسعى دوماً للإبقاء على الصراع في اطاره المرغوب فإذا زاد الصراع عن الحد أو المستوى المعين يجب أن تتدخل لتقليص أثره وتخفيضه للحد المسموح به, أما إذا انخفض فإنه يجب عليها أن تغذيه وتشجعه ليبقي عند الحد الذي يجعله قائماً تحت سيطرتها وذلک لتحقيق الأهداف التعليمية والتربوية المنشودة وإثارة المواهب الابتکارية والإبداعية لدي المعلمين([2]).
      ويعود الاهتمام بالصراع إلي إحساس الإداريين بأن التنظيم المدرسي يتضمن أنواعاً عديدة من الصراعات  " التي تستحوذ علي ما يقارب من 25 % من وقتهم في إدارة الصراع "([3]). وهو ما أکدته دراسة أکاديمية الإدارة بالولايات المتحدة الأمريکية حول التکلفة الحقيقية للصراع. وکشفت أن هناک 30% من وقت المديرين يُستهلک في إدارة الصراع بين الموظفين، وأن الصراعات الممتدة بينهم والتي لم يتم الوصول إلي حل بشأنها مسئولة عن 65 % من عيوب العمل ، کما تعد مسئولة عن حالات ترک العمل علي غير إرادة الموظف مما ينتج عنه تکلفة أخري وهي إحلال الموظفين المهرة المدربين بموظفين جدد([4]).هذا علي صعيد المنظمات الإدارية العامة, أما علي صعيد الإدارات في المؤسسات التعليمية فنجد أن هذه النسبة قد تصل إلي 50% من أوقات الإداريين فيها نظراً لطبيعة التجمعات بداخلها. ومن جانب آخر فإن الصراع ينطوي علي تکلفة أخري غير مرئية ويصعب توثيقها حيث يسهم في زيادة الوقت الضائع، کما يضعف من کفاءة عملية اتخاذ القرار، بل قد يدفع إلي أعمال السرقة والتخريب([5]). وهو ما يعد من المؤشرات الدالة على أهمية البحث في موضوع الصراع التنظيمي. حيث أن معظم المواقف المؤدية إلى نشوب الصراع لا تعد بذلک القدر من البساطة الذي يتصوره البعض، کما أن هناک العديد من العوامل التي تؤجج الصراع وتحوله من صراع مستتر إلى صراع علني يتسع مداه.
     وعليه فالمدير في المجال الإداري التعليمي يحتک بشرائح مختلفة من المعلمين والأفراد وأولياء الأومور مما يحتم عليه مواجهة أنماط الصراع المختلفة وتوجيهها لخدمة أهداف العملية التعليمية التي يرمي إلى تحصيلها من احداث نوع من أنواع الصراع الموجه لخدمة أهدافه التعليمية. هذا بالإضافة إلى ارتباط الصراع بالعمل في الإدارة البشرية الذي يزيد ويؤجج من المشکلات والمعوقات النفسية والاجتماعية لاسيّما وقد أکد بعض الباحثين " بأنه يغلب علي المجتمع المدرسي استخدام الصراع کأسلوب لمعالجة المشکلات بدلا من التعاون والتوافق بين أفراده "([6]). الأمر الذي يؤثر سلباً علي تحقيق الأهداف التعليمية المنشودة. وهو ما أظهرته العديد من الدراسات التي تناولت بعض الآثار السلبية المترتبة علي الصراعات المدرسية کضعف التعاون بين المعلمين, وانتشار الشللية ليس بين أفراد الأسرة العلمية الواحدة ولکن بين الأسر المختلفة. بل قد يتعداه إلي درجة من المشاحنات والمشاجرات التي تصل إلي الخصومة فيما بينهم. فضلاً عن ضعف جدية بعض المعلمين في شرح دروسهم، وانتشار بعض الشعارات السلبية نحو العمل، إضافة لإدخار بعض المعلمين لجهودهم للدروس الخصوصية مقارنة بالجهود المبذولة في المؤسسة التعليمية. مما يؤدي إلي تدني مستوي الروح المعنوية, والرضا الوظيفي لدي بعض العاملين بمجال التعليم مقارنة بالمهن الآخري([7]).



 ([1])محمد قاسم القريوتي: السلوک التنظيمي دراسة للسلوک الإنساني الفردي والجماعي في المنظمات المختلفة، عمان،الأردن, دار الشروق للنشر والتوزيع ،الطبعة 3 ،2000 , ص 240 .


[2])) خضير قاسم حمود: السلوک التنظيمي, عمان, الأردن, دار الصفا للنشر والتوزيع، الطبعة 3 , 2002 , ص 142 , 143 .


([3]) Lippitt, G.L.: Managing Conflict in today's Organization Training and Development Journal, 36, 1982, PP.67-74.


(1) Greg Hessel :The Cost of Organizational Conflict, Available at (http:||www.cheshirrmediation.org) accessed at         6|2013.


[5])) إيمان سليمان عبد ربه محمد: الصراع التنظيمى والأنماط القيادية لدي مديري مدارس التعليم الثانوى العام بجمهورية مصر العربية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، کلية التربية، جامعة عين شمس، 2009 .


[6])) أحمد يوسف سعد وآخرون: واقع الانضباط في المدرسة المصرية دراسة اثنوجرافية نقدية، المرکز القومي للبحوث التربوية والتنمية، القاهرة، 2000 ، ص 168.


[7]))  انظر: - کمال عبد الوهاب أحمد: دراسة تحليلية لبعض المشکلات التعليمية المؤثرة في تحقيق المناخ التربوي بالمدرسة الثانوية العامة في مصر، رسالة ماجستير( غير منشورة)، کلية التربية بالعريش، جامعة قناة السويس،العريش،  2000 ، ص 157.
-         حسين محمد علي عبد الرازق: فعاليات الاتصال التربوي بالمدرسة الثانوية العامة في محافظة الجيزة بجمهورية مصر العربية دراسة تحليلية، رسالة ماجستير( غير منشورة)، معهد الدراسات والبحوث التربوية، جامعة القاهرة، 2005، ص 191.
-         إبراهيم أحمد أحمد: القصور الإداري في المدارس- الواقع والعلاج، القاهرة، دار الفکر العربي، 2000، ص 74: 77.
-         عبد الملک أحمد علي العصري: أثر إدارة الصراع التنظيمي على الرضا الوظيفي دراسة تطبيقية على وزارة التربية في اليمن،رسالة ماجستير (غير منشورة)، أکاديمية السادات للعلوم الإدارية، القاهرة، 2006، ص 205.

الكلمات الرئيسية