فاعلية نموذج التعلم التوليدي في تنمية مهارات التفکير الاستدلالي والتحصيل في مادة التاريخ لدى الطلاب في الصف الأول الثانوي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية

المستخلص

المقدمة :
يشهد مجتمع المعرفة في العصر الحالي تدفق معلومات جديدة ، يتم فيه تخليق صور شتى للمعارف ، ومن العبث أن نعتقد إمکانية قيام مجتمع المعرفة دون إعمال العقل ،وتوليد الأفکار المستحدثة على شکل حلول و أراء و مقترحات ،التي تتناسب مع متطلبات هذا العصر،والمجتمع المتطور يتطلب أفرادا تدربوا على أدق أساليب التفکير ،و القدرة على استخدام المهارات  المختلفة ،فالمعلومات والحقائق کثيرا ما تتعرض إلى النسيان ،و لکن الطريقة التي يتواصل بها الفرد إلى المعلومات والحقائق و الأفکار ، غالبا ما تبقي ويکون الأمر أکثر منفعة،وفائدة لو تعلم الفرد کيف يستخدم تلک الطرق .
ويعد تنمية التفکير من أکثر الأهداف التربوية أهمية في هذا العصر ، فالعقل البشري بقدراته المتعددة هو قوة فعالة ،و مؤثرة في تطوير المجتمع ،فتنمية تلک القدرات من صميم مسئولية التربية ، مهما تعددت مؤسساتها ومستوياتها وأساليبها ،الأمر الذي يفرض على العملية التعليمية،أن تبحث عن استراتيجيات و أساليب و نماذج حديثة ،من شانها أن تنمي العقلية المفکرة و المبدعة في القرن الحالي بکل متطلباته. ( جابر عبد الحميد جابر، 2006م ، 304)
ونظرا الى ان المدرسة هي الطريق الشرعي للتعليم ،فان المسئولية تقع على المؤسسة التعليمية بکل أرکانها ،في إطلاق الطاقات الفکرية و القدرات المبدعة ،لدى الطلاب کي يتحملوا أعباءهم في عالم المستقبل ، و لذلک أصبحت الحاجة ملحة في تحسين الطريقة ،التي يفکر بها الطلاب و تدريبهم ،على کيفية استخدام مهارات التفکير ،و ممارستها حتى يکونوا قادرين على التفاعل الايجابي ،مع معطيات هذا العصر و حل مشکلاته  .
ونرى أن هناک فرق أساسي بين الأنظمة التعليمية في الدول المتقدمة ،و ما يقابلها في الدول النامية ،حيث أن الأنظمة التعليمية في الدول المتقدمة ،تهتم بتعليم أبنائها طرق و أساليب التفکير و کيف توصل العلماء إلى ما وصلوا إليه من مهارات ،أما الدول النامية فإنها تهتم بتعليم الطلاب نواتج التفکير ،بدون أن يعرفوا کيف تم التوصل إليها ،ويترتب على ذلک أن يتعلم الطلاب في المجتمعات المتقدمة ،نواتج العلم على نحو يجعلهم قريبين من تعلم مهارات إنتاج العلم ،أما طلاب المجتمعات الأخرى ،فإنهم يعيشون في دور المستهلک للمعرفة دون إنتاجها.(علاء الدين احمد الکفافي ، 2004م، 87 ـ 88)
ومن هنا فان تنمية مهارات التفکير من الأهداف الأساسية للتربية، بحيث تساعد الطلاب على النمو السليم ،و القدرة على إنتاج و توليد المعلومات ،و تعد مهارات التفکير الاستدلالي من المهارات الضرورية للطلاب، في العصر الحالي نظرا لوجود العديد من المتغيرات ،و إننا بحاجة ماسة في الوقت الحالي إلى متعلمين ،لديهم القدرة على التفکير الاستدلالي ،و تنمية هذه المهارات ،و تهيئة مواقف يفکر فيها المتعلم بفاعلية ،کما إننا بحاجة إلى معلم يعمل على تنمية هذه المهارات ،لدى طلابه من خلال المواقف التعليمية المختلفة.
( Grabowski , 2006,112&Lee )         
ولذلک فان التفکير الاستدلالي يساعد الطلاب ،على اکتساب و تنظيم معلوماتهم ،و يسهم في تحديد المفاهيم والحقائق ، و تکوين الاتجاهات والقيم ووضع أسس التفکير العلمي ،بحيث تمکن الطلاب من الاستفادة منها في توجيه سلوکهم ،وتکوين شخصياتهم کمواطنين لديهم القدرة على تحمل المسئولية ،التي تعزز المشارکة الفعالة للطالب ،و تدعم قدرته على إنتاج الأدلة و الحجج والمبررات ،من خلال استخدام کافة إمکاناته العقلية ،و نشاطاته الفکرية أثناء دراسة مختلف المواد الدراسية. 
وتعد مادة التاريخ من المواد الدراسية التي تساعد على اکتساب مهارات التفکير الاستدلالي،عندما تقدم المعلومات و الحقائق التاريخية بشکل منظم ، يستطيع الطلاب توظيفها في حياتهم ، لذلک نجد وزارة التربية و التعليم ،تبذل نشاطا ملموسا في تحديث و تطوير کل من المحتوى ،واستراتيجيات التدريس و الوسائل التعليمية و الأنشطة ،بحيث تساعد في تنمية مهارات التفکير ،لدى الطلاب في مختلف المواد الدراسية ،و تزويدهم بالمهارات اللازمة للمواقف الاجتماعية المختلفة.
وقد أشار احمد عبد الحميد سيد (  2013م ) إلى دور مادة التاريخ في تنمية التفکير العلمي ومهاراته ، لأنها تتمشى مع طبيعته ، حيث أن التاريخ ليس سجلاً لحقائق الماضي فحسب ، ولکنه في الوقت نفسه طريقة من طرق التفکير في الشئون الإنسانية،  لهذا فإن تدريسه إذا ما وجه توجيهاً سليماً ، يکسب الطلاب القدرة على التفکير العلمي ،إذا اهتم المعلم باستخدام طرق التدريس المناسبة لتحقيق ذلک. (احمد عبد الحميد أحمد سيد،  2013م،45)
وهناک العديد من الاستراتيجيات والنماذج الحديثة ،التي اقترحت توظيف المدخل البنائي في التدريس ،الذي حدده فيجوتسکي اکبر رواد البنائية الاجتماعية ،و کل من هذه الاستراتيجيات  له قيمة کبيرة في التعليم و التعلم منها نموذج التعلم التوليدي،و هو  من ابرز النماذج البنائية ، التي تعکس رؤية فيجوتسکي ،إلى أهمية البنائية الثقافية الاجتماعية في عملية التعلم ، فقد أصبح الاهتمام ليس کم المعلومات التي يکتسبها الطلاب، بل کيفية اکتساب هذه المعلومات و توظيفها في حياتهم.
ويسهم التعلم التوليدي في تنمية التفکير ،الذي يساعد على إنتاج عدد من الحلول للقضايا و المشکلات الاجتماعية ،فهو تجسيد لعمليتين هما الاستکشاف و التوليد ،و تتمثل العملية الأولى في القدرة على التنبؤ في ضوء المعطيات ،ووضع الفروض و اختبار صحتها ، أما العملية الثانية تتضمن استخدام المعرفة السابقة ،لتوليد معلومات و إجابات أو حلول غير مألوفه ،عدم إرجاعها إلى حقيقة علمية درسوها من قبل.
( Chin , C.& David , E . 2000, pp109-138)
ويسهم  التعلم التوليدي في تنمية مهارات التفکير العليا و منها التفکير الاستدلالي ،حيث انه يساعد الطالب في إيجاد معلومات و أفکار جديدة ، تشجعه  على التفکير و إبداء الرأي و عرض الأفکار ، من خلال تعليمه کيف يولد المعلومات، و التأکيد على أن الوصول إلى المعلومات، أکثر أهمية  من تعلم المعلومة نفسها ،و التأکيد على أن الشعور بمتعه ما ينتجه العقل أمر يفوق انجاز، ما حفظه هذا العقل من معلومات أنتجها أناس آخرون.
وأکدت دراسة يوسف شحاته الجهمي (2008م) و( مجدي عزيز إبراهيم ، 2005م) على فعالية نموذج التعلم التوليدي في زيادة فهم الطلاب، وتنظيمهم للمعلومات و خاصة في المرحلة الثانوية، حيث أنه يساعد في تحديد المفاهيم والحقائق ، التي تسهم في تحديد أساسيات  التفکير الاستدلالي، بحيث تمکن الطلاب من الاستفادة منها في توجيه سلوکهم وتکوين شخصياتهم کمواطنين لديهم القدرة على تحمل المسئولية.
ولذلک  اتجه البحث الحالي إلى تطبيق نموذج التعلم التوليدي ،لتنمية مهارات التفکير الاستدلالي في مادة التاريخ ، حيث يقوم الطالب بربط المعلومات الجديدة بالمعرفة السابقة لديه و إکسابه القدرة على التعليل والربط بين الأسباب و النتائج ، التي تساعد على إصدار الأحکام  ،و استخلاص المعلومات من مصادرها الأصلية عن طريق الملاحظة والتحليل والتطبيق لمحتوى المادة العلمية .
إلا أن مادة التاريخ إحدى المواد الدراسية ،التي قد يواجه الطلاب صعوبة في فهمها بالطرق التقليدية في تدريسها ، ترجع إلى أن مادة التاريخ، تقدم للطلاب في معظم المراحل الدراسية بأسلوب تقليدي جاف، لا يشعر الطلاب بوظيفتها في حياتهم اليومية، ،وأن الطريقة التي تدرس بها مادة التاريخ ، لا تتطلب من الطلاب بحثا أو إعمال فکر، تحتاج فقط إعداد وإلقاء من قبل المعلم، دون أن يکون لذلک أدنى أثر في اکتسابهم مهارات وميول واتجاهات وقيم مرغوبة.
وتعد مرحلة التعليم الثانوي مرحلة متميزة من مراحل نمو المتعلمين، إذ تقع عليها تبعات أساسية وذلک للوفاء بحاجاتهم، ورغباتهم وتطلعاتهم وإعدادهم في الوقت ذاته للوفاء باحتياجات المجتمع ومتطلباته ، و تحتل موقعاً رئيساً في النظم التعليمية الحديثة، في البلاد المتقدمة والنامية على حد سواء ،لما لها من أثر في تشکيل الشباب في فترة المراهقة ،و تکوين المواطن السوي القادر على مواجهة متطلبات الحياة بفهم ووعى .
وأشار حامد زهران أن المرحلة الثانوية يزيد اهتمام الطالب بمستقبله المهني ،و يجب تدريبه على استخدام الأسلوب العلمي في التفکير،و تنمية قدرته على التجديد والابتکار و اختيار الأساليب التدريسية، التي تساعد على نمو القدرات العقلية لديه ، تمهيدا إلى دخول المرحلة الجامعية،و الالتحاق بالحياة العملية. (حامد عبد السلام زهران ، 2005م ، 387ـ 390)
وأکد حسين هاشم هندول ،مضر صباح عبد الجابر(2010م)،على أهمية استخدام أساليب تدريس حديثة لتنمية مهارات التفکير الاستدلالي في المرحلة الثانوية ، ،من خلال المناقشة و تبادل الآراء،بين المعلم و الطلاب ينتج عنه زيادة في نسبة تحصيل الطلاب في مادة التاريخ، و بالرغم من ذلک فان المدرسة الثانوية ،لا تزال تقتصر على إعداد الطالب للاستمرار في التعليم الجامعي، بالمفهوم الضيق و تهمل الإعداد للحياة 

الكلمات الرئيسية