فاعلية برنامج إثرائى قائم على المواقف الحياتية لتنمية مهارات التفکير العلمى لدى تلاميذ الحلقة الأولى من التعليم الأساسى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

يمُوج العَالَم اليوم بالتطور العلمى ولا عَجَب أن تمتد اليه سَبَّاقةً فى هذا المجال الدول التى أخذت بناصيةِ العلم والمعرفة  منهاجاً لها.
      وقد بُذٍلَ الکثير من الجهد لفهم مصادر سلوکنا وبواعثه - منذ القدم,غير ان تلک المحاولات کانت تعتمد على مناهج التفکير التى انحدرت إلينا من جيل لآخر وکثيراً ما جرى التعبير عن هذه الآراء  من خلال الأديان أو المعتقدات أواللجوء للأساطير,أما الدراسة الموضوعية للسلوک الانسانى والمجتمع ,فهى حديثة نسبياً  "وکان من أبرز هذه التطورات استخدام العلم لفهم العالم , و النزعة للمقاربة العلمية التى أدت الى تغيير جذرى فى النظرة الکلية والمفاهيم لدى البشر"[i] 
     وقد " أفضى العلم بالناس إلى أن ينظروا فى المستقبل بدلأً من الماضى "[ii] إذ أن البنية العميقة لعقول البشر تحتاج إلى الکثير من العلم الجيد والتربية المنهجية الراشدة  ولقد اهتم المسلمون بالعقل " باعتباره الوسيلة إلى التفکير والتفکر و الاّلة فى تحصيل المعرفة " [iii] بل إنه " کان لعلماء الإسلام اليد الطولى فيما يتعلق بالنواحى العلمية المحضة التى قد يظن البعض أن العلم الحديث المبنى على التجربة والاستنباط هو من ابتکارات الغرب فقط وليس من نتاج المفکرين المسلمين "[iv] وأصبح من المعلوم أن الأديان السماوية اهتمت بالجانب الوجدانى والعقلى فى البنية التکاملية للإنسان بينما جاء خاتم الأديان موضحا أهمية التفکير العلمى منذ نزلت اّيات القران الکريم إذ دعت" کل فرد أن يتعمق فى التفکيرفقال تعالى: (قل إنما أعظکم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفکروا)سورة سبأ الاية 46 ويکفينا فى مجال الحديث عن الفکرالإشارة إلى العقل, فى مقولتهr:"ماخلق الله عز وجل أکرم عليه من العقل " [v]  وقد أشار ( مشرفة )إلى أن" أول واجب على مفکرينا، وقادة الرأي فينا، أن يوجهوا الرأي العام في البلاد العربية صوب التفکير بالعقلية العلمية، تلک العقلية التي تواجه الحقائق، وتعنى بالجوهر ، وتطلب اللب لا القشور"[vi] کما يؤکَّد  ( فؤاد زکريا)على أننا  "نعيش فى عصر أصبح فيه الأخذ بالأسلوب العلمى فى الحياة مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى المجتمع - و أن منهج التفکير العلمى  أثبت أنه أفضل ما لدينا من أدوات المعرفة "[vii]   وتوضح  (کوثر کوجک )" أننا نتبنى فلسفة إعادة البناء أو الفلسفة  التجديدية , التى تهتم بالدرجة الأولى- بإستشراف المستقبل وتربية أجيال الحاضر لتعيش بنجاح فى القرن الحادى والعشرين " [viii]      کما يشير (فؤاد زکريا) الى أنه  "يجب أن نعيد بناء نظمنا التعليمية – التى تعتمد على تنمية الحفظ واستيعاب المعلومات - فنحن لانحتاج الى هذه الملکة فى عصر العقول الالکترونية –وانه علينا أن نتحول جذرياً الى رعاية الملکات الإبتکارية والإبداعية والقدرة على مواجهة المواقف غير المتوقعة بذکاء   "[ix]  و يؤکد هنسون (Henson) على أن" الأفراد ومنذ سن الطفولة يدرکون بسرعة بأننا نفکر "[x] وقد ذکر (Arther kosta,1998) " أن النظام السائد هو قولبة التلاميذ فى نظام واحد وهذا يتناقض مع تعليم التفکير الذى يدعو للتنوع والتعدد والتفرد " [xi]  أما (عبد السلام عبد الغفار)فيشير إلى أنه "يوجد فروق بين أن ننمى لدى أبنائنا القدرة على التفکير ,وأن نلقنهم فکراَ معيناَ" [xii]  "فالتفکير أداة وله وظيفة – يضع الفروض ويوجه الخبرة "[xiii] ويرى ديوى (John Dewy) أنه :"حينما تطورت الرياضيات والعلوم العقلية الأخرى, ولم يتم الاستفادة بالحقائق العلمية فى الخبرات اليومية ,ظلت الحقائق معزولة ومستقلة "[xiv]  وکذلک أشار الفيلسوف الرياضى هاوسيد (North howithed  ) إلى أن" الهدف من التفکير العلمى هو أن نرى ماهو عام من خلال ما هو خاص, وماهو دائم من خلال ما هو عابر" [xv] کما يؤکد( على راشد,2006) أن " تنمية قدرات التفکير المنوعة لدى التلاميذ تعد من أهم أهداف العملية التعليمية بجانب تحقيق الأهداف التعليمية الأخرى[xvi] وقد ألمح ديوى (John Dewy) إلى أن الاتجاه العلمى – "يتأصل جذريا ً فى المشکلات التى يفرضها الواقع – أما الاتجاه غير العلمى فهويُعرض عنها ويخفيها بدلاً من أن يواجهها "[xvii] کما أن للتفکير العلمى وظائف فهو" يقوم بفهم الظواهرالبيئية المحيطة بالإنسان و يؤدى إلى حل المشکلات والتى تعترض الإنسان فى حياته العملية والفکرية"[xviii]  وتؤکد (سعاد محمد,2004) أن " کل المواد الدراسية تتساوى فى تنمية التفکير, وتتحدد مسئولية المدرسة فى تعليم أشکال التفکير المنوعة بالمواد المختلفة"[xix] و قدافترض ديوى (John Dewy)" أن التفکير هو الأداة الصالحة لمعالجة المشکلات وتبسيطها " [xx]    
 بينما  يرى(زيدان,2013) أن" رسائل الماجستير والدکتوراة فى مجال المناهج وطرق التدريس لابد أن تخدم القضايا المجتمعية و أن يکون لهذه الرسائل دور فى معالجتها وأن ترتبط بخبرات الحياة وبالبيئة التى يعيش فيها المتعلمون "[xxi] کمايؤکد ( على راشد,2003)على أن " المعارف والحقائق والمفاهيم شىء مهم وضرورى , ولکن الأهم من ذلک أن يتعلم هؤلاء التلاميذ قدرات التفکيرالتى تجعلهم يکتشفون بأنفسهم هذه المعارف وتلک الحقائق والمفاهيم فتعليم قدرات التفکير له الأولوية "[xxii] أما (زيدان , 2001) فيؤکد أن " الشک والمناقشة , والالحاح فى الاستفهام , وطلب الإجابة المقنعة فى مرحلة ما قبل المراهقة وأثنائها هى بداية التفکير " [xxiii]  و تساءل (التطاوى,2005) :"عن إمکانية تحويل التفکير العلمى إلى برنامج دراسى نظرى أم يجب أن يدرس عبر المناهج !"[xxiv]  وقد  وقد أکد(زيدان,2011)على أن " المواد الفلسفية تقوم بدورٍ بارزٍفى الحياة المعاصرة حيث تهدف الى تدريب الطلاب على التفکير العلمى السليم وعلى أسلوب الحوار البناء ومشارکتهم فى معالجة الدروس وشحذ عملية التفکير لديهم وتنمية قدراتهم على الإبداع والاعتمادعلى النفس,بالإضافة الى الربط الواقعى بين ما يتعلمه الطالب فى فصله وبين متطلبات حياته اليومية وما يحتمه عليه غده "[xxv] ويوضح ذلک (محمد سعيد زيدان,2011) مؤکِداً "إن الحياة مجموعة من المواقف ,والإنسان موقف,وفى کل موقف من المواقف هو فى حاجة لاتخاذ قرار- فالفرد يصادف فى حياته اليومية مواقف معضلة أو أسئلة محيرة لم يتعرض لها من قبل وليس لديه إمکانية معرفة للتوصل لحل لها فى التو واللحظة ,فإذا ما سببت له حيرة أو اندهاشا ً أو تحدياً لفکرة ,فإنه يطلق على أى من تلک المواقف أو الأسئلة لفظة "مشکلة " [xxvi]  کما أکدت العديد من الأدبيات والدراسات السابقة الهامة کدراسة (على راشد) [xxvii]- التى أوصى فيها بضرورة "تدريب التلاميذ على اکتساب قدرات التفکير العلمى من خلال إعادة صياغة الکتب المدرسية من حيث المحتوى وطرق العرض والتأکيد على تنمية قدرات التفکير العلمى واعتبارها من الأهداف و تنمية قدراتهم من خلال المواد الدراسية المختلفة"ودراسة ( کمال نجيب)[xxviii] التى أکد فيها على أن" الاهتمام بتدريس قواعد التفکير للأطفال يجب أن يحتل مکاناً أساسياً وهاماً فى برامج التعليم الابتدائى , وإذا لم يکن ثمة مخرج من التقسيم الحالى للمواد الدراسية , فليس من الضرورى فى المرحلة الراهنة إفراد مقرر خاص بالتفکير أو المنطق أو الفلسفة , بل يمکن دمج هذه الجوانب بکثير من المقررات السائدة مثل القراءة ,التاريخ ,العلوم .. "  وما استنبأه (على راشد ,2001)من بعض ما آل إليه "واقع عملية التعليم فى مدارسنا ,حيث ينحصرهَمُ المعلم فى حشر المعلومات فى أذهان تلاميذه ,وليس هذا فحسب ,بل غالباً مانراه يقدم هذه المعلومات فى أدنى مستوياتها من الحفظ والاستظهار ويهمل المستويات الأخرى متذرعاً بنوعية الکتب المقررة ومطالب الامتحانات وغيرها . "[xxix] جدير بالالتفات إليه ,فيما يرى (زيدان,2018)[xxx] أن " البحث العلمى عمل مضن وشاق؛ يتحمل فيه الباحث مجهوداً کبيراً، إلا أن المتعة فى إنجاز العمل، ومن ثم نشره ليکون مرجعاً للباحثين والدارسين، تعطى الباحث إحساسا بأن الوقت الطويل الذى مضى والجهد الجهيد الذى انقضى لم يذهب سدي" بل ومن اللافت أيضاً للنظر, أن يحيل(عمار,2015) [xxxi]القراء, حينما تحدث عن" بحوث الماجستير والدکتوراة التى لاتتشابک مع الواقع أولا علاقة لها بمجرياته ومشکلاته ومطالبه الحقيقية,وإنما هى افتراضات من تصور الباحث"  ولعل الباحث يرى فى هذا البحث أيضاً ماينبىء عن شدة الاحتياج له من حيث أهميته إذ تضمنت متغيراته بعضاً مما أُشير إليه من أولويات يراها (ستيفن کوفى,وآخرون ,1994) بقولهم:" هناک أساسيات واحتياجات معينة تحتاج إلى إشباع ,فإن لم تشبعها تشعر بالخواء والبؤس *الماديات:نحتاج المأکل والملبس والمسکن والصحة والمال*الاجتماعيات :نحتاج أن نُحِب ونُحَب وأن ننتمى للآخرين ونشارکهم . *الفکر :نحتاج لتطوير قدراتنا وأن ننمو ذهنياً وثقافياً.  * الروحانيات :نحتاج لهدف ومعنى وإحساس بالأهمية من أجل عالم أفضل. " [xxxii] وإذا کان لابد ثمة من فاعليات حقة لممارسة هذا التطوير-وفقاً لإشباع حاجاتنا بمناهجنا- من داخل غرف التعلم فإن المواقف الحياتية قد تمهد الطريق لذلک على الرحب والسعة من أجل تحقيق ذلک الهدف الأسمى



 


 


 


 


                          


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 

الكلمات الرئيسية