فاعلية نموذج التعلم القائم على المواقف المزدوجة في تصويب الفهم الخطأ للمفاهيم التاريخية وتنمية مهارات اتخاذ القرار لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

أولاً: مشکلة البحث وخطة دراستها:
يشهد العالم اليوم تقدماً في مختلف المجالات نظراً للثورة المعلوماتية والنهضة المعرفية فنحن نشهد اليوم تسابق کبير بين أمم وشعوب العالم في شتي نواحي الحياة ، ففي کل ساعة تضاف مئات من الحقائق والاکتشافات الجديدة إلى موسوعة الفکر البشري وهذا يحملنا مسئولية جديدة وهي توصيل المناسب من الإنتاج إلى الطلاب في مختلف المراحل الدراسية ؛لکي يصبح المتعلم مواکباً لعجلة التطور ومحوراً رئيسياً نشطاً بها وليس بمعزل فکري عما يحيط به، لذا کان لابد من تزويد المتعلمين بالمفاهيم التي توصل إليها العقل البشرى. (قصي توفيق غزال، وأمل فتاح زيدان: 2008: 308).
ونظراً لأن المفهوم يعد محوراً رئيساً في عملية التعلم في کافة المراحل الدراسية ، فقد أصبح تحديدها وتکوينها ، واستراتيجيات إکسابها للمتعلمين محور اهتمام کافة القائمين على العملية التعليمية من معلمين، موجهين، خبراء المناهج، مصممي المواد التعليمية ،إذ لم تعد المفاهيم مجرد جانب من جوانب التعلم ، بل أصبحت محوراً رئيساً تدور حوله بناء المناهج والوحدات التعليمية. (مايسة يوسف حلس: 2011 :4).
والتاريخ فرع من فروع المواد الاجتماعية و له أهمية کبيرة في المنهج المدرسي ؛لأنه يمثل التفاعل القائم بين الإنسان والزمان والمکان بمعني أن الإنسان يتفاعل مع المکان في زمان محدد وينتج من هذا التفاعل أحداث تخصه ،فهو يختص بدراسة الحاضر وجذوره الضاربة في الماضي القريب والبعيد ويتتبع حياة الإنسان وتطوره ، وعلاقاته ، ومشکلاته الذي يعيش کم يحدد اتجاهات المستقبل (عبد الرحمن جامل: 2007: 18).
ويوجد اتفاق بين الباحثين على أن المفاهيم تمثل بنية مادة التاريخ ، حيث تعد العمود الفقري للبنية الأساسية لعلم التاريخ والمحور الأساسي الذي تدور حوله مناهج التاريخ في المراحل التعليمية المختلفة، وتتسم المفاهيم بمناهج التاريخ بأنها مفاهيم مجردة ترتبط بأشياء غير محسوسة لذلک فأغلب المتعلمين يستخدمون هذه المفاهيم دون فهم بل أن المفاهيم الواضحة لديهم محدودة جداً مما يؤدي إلى حدوث الفهم الخاطئ لهذه المفاهيم (فرحان عبيد عبيس، ستار علک الطفيلي: 392: 2015).
ومن ثم يأتي التلاميذ إلى حجرات الدراسة ولديهم أفکار، وتصورات بديلة ،أو فهم خطأ عن المفاهيم العلمية المرتبطة بالظواهر الطبيعية التي تحيط بهم ، وتلک التصورات البديلة تتعارض في کثير من الأحيان مع التصور العلمي الصحيح ،وقد أطلق المتخصصون في مجال التربية مسميات مختلفة لهذه الظاهرة منها الفهم الخطأ للمفاهيم العلمية (Misconceptions)، التصورات القبلية (Preconceptions)، التصورات البديلة (Alternative Conceptions) والأفکار البديلة، (Alternative Ideas)، والمفاهيم الساذجة (Naïve Knowledge) (کمال عبد الحميد زيتون: 2004 :226)، (Sell. et.al :2006 ,396).
وقد أکد العديد من الباحثين أن المفاهيم العلمية التي تتشکل لدى المتعلم في بنيته المعرفية لا تکون أحياناً متفقة مع المفاهيم العلمية الصحيحة ، حيث تمثل المعرفة التلقائية إحدى صور المعرفة القبلية التي يکتسبها المتعلم ذاتياً من خلال تفاعله مع بيئته الخارجية ، وقد تقف المعرفة أو الفهم البديل کحاجز ينظم مرور المعرفة الجديدة إلى المتعلم. (حسن حسين زيتون، کمال عبد الحميد زيتون: 2003: 133)
وقد أکدت العديد من الدراسات أن المتعلمين الذين يحملون فهماً خطأ للمفاهيم يؤدي إلى عزوفهم عن تعلم المادة الدراسية، ويؤثر سلباً على عملية تعلمهم ومن أهم هذه الدراسات دراسة: (رشا رمزي جرجس: 2015)، (حسام البدري محمد: 2013)، (صفاء محمد علي محمد: 2013)، (kirik&Boz:2012)، (2012:Kingir& Geban)، (محمد محمود درويش: 2012)، (زهير عيد إبراهيم: 2011)، (Troyer :2011) ، (نوال عبد الفتاح فهمي: 2011)، (رباب حامد جلال :2010).
وتعد مساعدة المتعلمين على بناء المفاهيم بصورة صحيحة من أهم أهداف تدريس المواد الدراسية بصفة عامة ، والتاريخ بصفة خاصة إلا أن ذلک يواجه العديد من الصعوبات من أهمها المعرفة القبلية لدى المتعلمين لاسيما إذا ما کانت هذه المعرفة لا تتفق مع ما هو صحيح في العلم، وتعد المعرفة القبلية الموجودة لدى المتعلم من أهم العوامل في تعلمهم للمفاهيم بصورة صحيحة ؛ ولذلک فإن الخطوة الأولى نحو إکساب المتعلمين المفاهيم الصحيحة هي الأخذ في الاعتبار ما لديهم من معرفة قبلية (محمد بن أحمد بن محمد: 2008: 4)
هذا وقد سعت العديد من النظريات نحو دراسة المفاهيم ومحاولة التعرف التصورات البديلة  للمفاهيم العلمية ومن ضمن هذه النظريات (النظرية البنائية) والتي اهتمت بالمعرفة القبلية للتلميذ، والتي تساعده على تکوين خبرات جديدة ، والتوصل لمعلومات جديدة ، وتري النظرية البنائية أن التعلم يحدث حين تعدل الأفکار والمفاهيم التي بحوزة المتعلم أو تضاف إليها معلومات جديدة أو بإعادة تنظيم ما يوجد لديه من أفکار أى أن الترکيز في النظرية البنائية يشمل البنية والعمليات التي تتم داخل عقل المتعلم (رفيق عبد الرحمن، 2005: 52).
وقد اهتمت العديد من الدراسات السابقة بکيفيه مساعدة المتعلمين على إحداث عملية التغير المفاهيمي لتکوين المفاهيم الصحيحة ، واعتمدوا في ذلک على نظرية بياجيه لعدم التوازن ومن أهم هذه الدراسات دراسة (علي مقبل العليمات: 2010)، دراسة (Wiser.et.al.2012).
وفي هذا الإطار وضعت (She) نموذجاً لتسهيل عملية التغير المفاهيمي مستفيدة من النظريات والنماذج السابقة يعتمد فيه المتعلم على المواقف المزدوجة ويسمي:
  Dual- Situated Learning Model. (DSLM) وذلک للتغلب علي الصعوبات والمشاکل الناتجة عن التعلم بالطرق المعتادة (She,2002:984).
والمواقف التعليمية تعني: أن عملية التغير المفاهيمي تقع بين طبيعة المفاهيم العلمية، واعتقادات التلاميذ عن هذه المفاهيم ، وذلک لتحديد أي الأبنية العقلية ضرورية ؛ لتکوين نظرة أکثر علمية ، وبالتالي يتعمق فهم المتعلمين لهذه المفاهيم ، فيتأکد الفهم الخطأ للمفاهيم العلمية وأسباب المعرفة بهذا الخطأ ، وعدد الأبنية التي تنقصهم ؛ لإعادة بناء هذه المفاهيم بطريقة صحيحة. (رشا رمزي جرجس: 2015: 7).
أما مزدوج فيعني أن لهذا النموذج وظيفتين هما:
-       أن التغير المفاهيمي يجب أن يقوم على: طبيعة المفاهيم التاريخية، ومعتقدات التلاميذ عن هذه المفاهيم.
-   يجب أن تحدث عملية التغير المفاهيمي عدم توازن لدى المتعلمين عن معرفتهم السابقة وتزودهم بنموذج عقلي جديد ؛ لتحقيق رؤية علمية صحيحة للمفهوم، مما يحدث في النهاية تعديل النموذج القائم لديهم أو إنشاء نموذج جديد، وتحتاج هذه العملية إلى إثارة التناقض ، وإثارة دافعية التلاميذ وتحدى معتقداتهم (She :2003).
وقد أکدت العديد من الدراسات فاعلية هذا النموذج في تصويب المفاهيم الخاطئة ، ومن أهم هذه الدراسات دراسة (رشا رمزي جرجس: 2015)، (Tan.et.al: 2013)، (Krooth Kaew and Awasdi: 2013)، (Hsiao-Lin:2011)، (Hamzan& Mdzain: 2010)، (Tseng ,et.al :2010)، (حياة على محمد، مني فيصل أحمد: 2009)، (Akpinar: 2007)، (She: 2003)، (She:2002).
وتعد مهارات اتخاذ القرار من أهم أهداف تدريس التاريخ ؛لأنها من أهم المهارات التي يجب أن يکتسبها المتعلم في جميع مواقف حياته سواء في حل المشکلات أو في التخطيط للمستقبل وخاصة في ظل التقدم العلمي والتکنولوجي الهائل الذي يتطلب من المتعلم أن يقابل هذا التطور بتطور مماثل في مهاراته وقدراته حتي يستطيع أن يواجه هذا التطور ويفهمه ويأخذ القرار الصائب الذي يؤثر في حياته وفي الوقت ذاته يتحمل مسئولية قراراته على المستوي الفردي والجماعي.
وعلى الرغم من أهمية مهارات اتخاذ القرار إلا أنها لا تحظي بالاهتمام الکافي من قبل معلمي الدراسات الاجتماعية بالرغم من أنها من أهم الأهداف التي تسعي مادة الدراسات الاجتماعية إلى تحقيقها، ويتضح ذلک من طبيعة طرق واستراتيجيات التدريس المتبعة في تدريس الدراسات الاجتماعية بصفة عامة والتاريخ بصفة خاصة، مما أدي إلى ضعف مهارات اتخاذ القرار لدى التلاميذ في مادة التاريخ وهذا ما أکدته الدراسة الاستطلاعية التي قامت بها الباحثة والتي اتفقت مع الدراسات السابقة الآتية: (هالة الشحات عطية يوسف: 2015)، (باسم صبري محمد: 2014)، (فايزة أحمد الحسيني: 2013)، (طاهر محمود محمد: 2013)، (داليا فوزي الشربيني: 2011)، (فاطمة الزهراء إبراهيم حامد: 2011) ،(فاطمة حجاجي أحمد: 2010).

الكلمات الرئيسية